نور العرب
منهاج أهل السنة و الجماعة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا منهاج أهل السنة و الجماعة 829894
ادارة المنتدي منهاج أهل السنة و الجماعة 103798
نور العرب
منهاج أهل السنة و الجماعة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا منهاج أهل السنة و الجماعة 829894
ادارة المنتدي منهاج أهل السنة و الجماعة 103798
نور العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
~(^_*)~ مرحبا بك زائر بمنتدى الفاروق2009- متمنيين لك مشاركة سعيدة وفاعلية نشطة بإيجابية جادة - والله له حسن السداد والتوفيق ...
المواضيع الأخيرة
» حصريا وانفراد مع عملاق الحمايه من التروجانات وملفات التجسس Anti-Trojan Elite 4.8.8 في اخر اصدا
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 01, 2011 10:09 pm من طرف star man

» نكات مضحكة جدا
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد يناير 30, 2011 10:18 pm من طرف فاروق

» لعبة روعة لاتفوتك Tony Hawks American Wasteland
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد يناير 30, 2011 9:09 pm من طرف فاروق

» لعبة استراتجية اون لاين لشركة جوجل
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد يناير 30, 2011 9:07 pm من طرف فاروق

» في قهر نكون صداقات حتى في اثناء القتال!http://qahr.91.com/
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد يناير 30, 2011 9:06 pm من طرف فاروق

» ♥ الأفضل برنامج حماية و أخف ESET NOD32 Antivirus 4.2.35.0 إصدار الأخير♥
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 12, 2010 12:10 pm من طرف فاروق

» برنامج USB Disk Sécurity 5.1.0.15 النسخة الأفضل لحماية الفلاش ميموري
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 12, 2010 11:59 am من طرف فاروق

» مجموعة من الالغاز حاولو تحلوها
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد مارس 07, 2010 8:57 pm من طرف فاروق

» دعاء السفر
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد مارس 07, 2010 8:20 pm من طرف فاروق

» تفسير أحاديث من الأربعين النووية :{ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعـنيه }
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد مارس 07, 2010 7:36 pm من طرف فاروق

» رسوم التحديث في علوم الحديث
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد مارس 07, 2010 6:53 pm من طرف فاروق

» احكام القران
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالأحد مارس 07, 2010 6:34 pm من طرف فاروق

» فضائل القرآن ومعالمه وآدابه
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالسبت مارس 06, 2010 9:13 pm من طرف فاروق

» كتاب الاربعون في التوحيد
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالسبت مارس 06, 2010 9:05 pm من طرف فاروق

» رواية العجوز الضرير
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 10:29 pm من طرف فاروق

» قصة أصحاب السبت
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 9:07 pm من طرف فاروق

» قصة اهل الكهف
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 2:51 pm من طرف فاروق

» منهاج أهل السنة و الجماعة
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:26 am من طرف فاروق

» متن العقيدة الواسطية
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:24 am من طرف فاروق

» العقيدة الطحاوية
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:16 am من طرف فاروق

» عقيدة ابن أبي زيد القيرواني
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:09 am من طرف فاروق

» عقيدة أهل السنة والجماعة
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:05 am من طرف فاروق

» من حكم الامام علي رضي الله عنه
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالخميس مارس 04, 2010 10:24 pm من طرف فاروق

» الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالخميس مارس 04, 2010 9:18 pm من طرف فاروق

» السيرة الذاتية لمفدي زكرياء
منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالخميس مارس 04, 2010 8:40 pm من طرف فاروق


 

 منهاج أهل السنة و الجماعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فاروق
Admin
Admin
فاروق


الجنس : ذكر

البلد : الجزائر

العمر : 34
عدد المساهمات : 243
المزاج المزاج : ممتاز


منهاج أهل السنة و الجماعة Empty
مُساهمةموضوع: منهاج أهل السنة و الجماعة   منهاج أهل السنة و الجماعة I_icon_minitimeالجمعة مارس 05, 2010 1:26 am

الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‏.‏

أما بعد‏:‏

فإن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏1‏]‏‏.‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب، الآيتان‏:‏ 70- 71‏]‏‏.‏

المراد بأهل السنة والجماعة وبيان طريقهم

أهل السنة والجماعة هم الذين هداهم الله تعالى لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وكلنا نعلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث بالهدى ودين الحق، الهدى‏:‏ الذي ليس فيه ضلالة، ودين الحق‏:‏ الذي ليس فيه غواية، وبقي الناس في عهده على هذا المنهاج السليم القويم، وكذلك عامة زمن خلفائه الراشدين، ولكن الأمة بعد ذلك تفرقت تفرقًا عظيمًا متباينًا، حتى كانوا على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي ما كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، بهذا نقول‏:‏ إن هذه الفرقة هي فرقة أهل السنة والجماعة وهذا الوصف لا يحتاج إلى شرح في بيان أنهم هم الذين على الحق؛ لأنهم أهل السنة المتمسكون بها، وأهل الجماعة المجتمعين عليها ولا تكاد ترى طائفة سواهم إلا وهم بعيدون عن السنة بقدر ما ابتدعوا في دين الله سبحانه وتعالى، ولا تجد فرقة غيرهم إلا وجدتهم فرقة متفرقين فيما هم عليه من النحلة ‏.‏

وقد قال سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 159‏]‏‏.‏

إذن لا حاجة لنا إلى التطويل بتعريف أهل السنة والجماعة ‏.‏ لأن هذا اللقب يبرهن على معناه برهانًا كاملًا وأنهم المتمسكون بالسنة المجتمعون عليها ونحن نلخص الكلام في نقاط رئيسية هي‏:‏

أولًا‏:‏ بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته مع أمثلة توضح تلك الطريقة‏:‏

أهل السنة والجماعة طريقتهم في أسماء الله وصفاته أنهم يعتبرون أن ما ثبت من أسماء الله وصفاته في كتاب الله، أو فيما صح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو حق على حقيقته يراد به ظاهره ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين وذلك لأن تحريف المحرفين مبني على سوء فهم، أو سوء قصد حيث ظنوا أنهم إذا أثبتوا تلك النصوص، أو تلك الأسماء والصفات على مظاهرها ظنوا أن ذلك إثبات للتمثيل، ولهذا صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه، وقد يكونون ممن لم يفهموا هذا الفهم ولكن لهم سوء قصد في تفريق هذه الأمة الإسلامية شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون ‏.‏

وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن ما سمى الله به نفسه وما وصف الله به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو حق على حقيقته وعلى ظاهره، ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين بل هو أبعد ما يكون عن ذلك، وهو أيضًا لا يمكن أن يفهم منه ما لا يليق بالله عز وجل من صفات النقص أو المماثلة بالمخلوقين، بهذه الطريقة المثلى يسلمون من الزيغ والإلحاد في أسماء الله وصفاته، فلا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه،أو أثبته له رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير زائدين في ذلك ولا ناقصين عنه، ولهذا كانت طريقتهم أن أسماء الله وصفاته توقيفية لا يمكن لأحد أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، أو أن يصف الله بما لم يصف به نفسه ‏.‏

فإن أي إنسان يقول‏:‏ إن من أسماء الله كذا، أو ليس من أسماء الله، أو أن من صفات الله كذا، أو ليس من صفات الله بلا دليل لأنه لاشك قول على الله بلا علم وقد قال الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏لأعراف‏:‏ 33‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏‏.‏

ثم إن طريقتهم في أسماء الله تعالى أن ما سمى الله به نفسه فإن كان من الأسماء المتعدية فإنهم يرون من شرط تحقيق الإيمان به ما يلي‏:‏

1- أن يؤمن المرء بذلك الاسم اسمًا له عز وجل ‏.‏

2- أن يؤمن بما دل عليه من الصفة سواء كانت الدلالة تضمنًا أو التزامًا ‏.‏

3- أن يؤمن بأثر ذلك الاسم الذي كان مما دل عليه الاسم من الصفة ونحن هنا نضرب مثلًا‏:‏

من أسماء الله تعالى‏:‏ ‏"‏السميع‏"‏ يجب على طريق أهل السنة والجماعة أن يثبت هذا الاسم من أسماء الله فيدعى الله به ويعبد به فيقال مثلًا عبد السميع ويقال يا سميع يا عليم وما أشبه ذلك لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ‏}‏ ‏[‏لأعراف‏:‏ الآية180‏]‏‏.‏

وكذلك أيضًا يثبت ما دل عليه هذا الاسم من الصفة وهي السمع فنثبت لله سمعًا عامًا شاملًا لا يخفى عليه أي صوت وإن ضعف ‏.‏

كما نثبت أيضًا أثر هذه الصفة وهي أن الله تبارك وتعالى يسمع كل شيء وبهذا ننتفع انتفاعًا كبيرًا من أسماء الله لأنه يلزم من هذه الأمور الثلاثة التي أثبتناها في الاسم إذا كان متعديًا أن نتعبد الله بها فنحقق قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ الآية180‏]‏‏.‏

فأنت إذا آمنت بأن الله يسمع فإنك لن تسمع ربك ما يغضبه عليك لن تسمعه إلا ما يكون به راضيًا عنك، لأنك تؤمن أنك مهما قلت من قول سواء كان سرًا أم علنًا فإن الله تبارك وتعالى يسمعه، وسوف ينبئك بما كنت تقول في يوم القيامة، وسوف يحاسبك على ذلك على حسب ما تقتضيه حكمته في كيفية من يحاسبهم تبارك وتعالى، إذًا القاعدة عند أهل السنة والجماعة أن الاسم من أسماء الله إذا كان متعديًا فإنه لا يمكن تحقيق الإيمان به إلا بالإيمان بهذه الأمور الثلاثة‏:‏

1- أن نؤمن به اسمًا من أسماء الله فنثبته من أسمائه ‏.‏

2- أن نؤمن بما دل عليه من صفة ‏.‏

3- أن نؤمن بما يترتب على تلك الصفة من الأثر ‏.‏

وبهذا يتحقق الإيمان بأسماء الله تبارك وتعالى المتعدية ‏.‏

أما إذا كان الاسم لازمًا فإنهم يثبتون هذا الاسم من أسماء الله، ويسمون الله به ويدعون الله به، ويثبتون ما دل عليه الاسم من صفة على الوجه الأكمل اللائق بالله تعالى، ولكن هنا لا يكون أثر، لأن هذا الاسم مشتق من شيء لا يتعدى موصوفه فلذلك لا يكون أثر، ونضرب مثلًا بـ ‏"‏الحي‏"‏ فإن الحي من أسماء الله عز وجل، نثبته اسمًا لله فنقول من أسماء الله تعالى‏:‏ ‏"‏الحي‏"‏ وندعو الله به فنقول‏:‏ ‏"‏يا حي، يا قيوم‏"‏ ‏.‏

ونؤمن بما دل عليه من صفة، سواء كان ذلك تضمنًا، أو التزامًا وهي الحياة الكاملة التي تتضمن كل ما يكون من صفات الكمال في الحي من علم، وقدرة، وسمع، وبصر، وكلام وغير ذلك، فعلى هذا نقول إذا كان الاسم من أسماء الله غير متعد فإن تحقيق الإيمان به يكون بأمرين ‏.‏

أحدهما‏:‏ إثباته اسمًا من أسماء الله ‏.‏

والثاني‏:‏ إثبات ما دل عليه من الصفة على وجه الكمال اللائق بالله تبارك وتعالى ‏.‏

أما الصفات فإننا لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه سواء ذكر الصفة وحدها بدون أن يتسمى بما دلت عليه، أو كانت هذه الصفة مما دلت عليها أسماؤه، فإنه يجب علينا أن نؤمن بهذه الصفة على حقيقتها مثال ذلك‏:‏ أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه ‏.‏ وهو يخاطبنا بالقرآن النازل باللسان العربي المبين وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية يعلمون معنى استوى في اللغة العربية ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ ‏[‏طـه‏:‏5‏]‏ ‏.‏ كيف استوى‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة‏)‏ ‏.‏ هذا هو اللفظ المشهور عنه واللفظ الذي نقل عنه بالسند قال‏:‏ ‏(‏الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة‏)‏‏.‏ وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل، لأن كلمة ‏"‏الكيف غير معقول‏"‏ تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليلان النقلي والعقلي فإنه لا يمكن التكلم به‏.‏

هذه الصفة من صفات الله لم يرد اسم من أسماء الله مشتق منه فلم يرد من أسمائه المستوى، ولكننا نقول‏:‏ إنه استوى على العرش ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به ونعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص ولهذا نقول في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ من الآية54‏]‏ ‏.‏ أي علا واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير والكرسي مثلًا؛ لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقر، بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله تبارك وتعالى غني عنه ‏.‏

ومن زعم أنه بحاجة إلى عرش يقله فقد أساء بربه عز وجل فهو سبحانه وتعالى غير مفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل جميع مخلوقاته مفتقرة إليه، كذلك النزول إلى السماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي، لكنه يليق بالله عز وجل لا يشبه نزول المخلوقين، ومن هنا نقول أنه يجب على المؤمن أن يتحاشى أمرًا يلقيه الشيطان في باله أمرًا خطيرًا للغاية - وهو أمر حمل أهل البدع على تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس - ألا وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل ‏.‏

فاعلم أنه لا يجوز أبدًا أن يتخيل كيفية ذات ال له، أو كيفية صفة من صفاته، واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لابد أن تقع في أحد محذورين‏:‏

أما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه ولهذا يجب عليكم أيها الإخوة أن لا تتخيلوا أي شيء من كيفية صفات الله عز وجل، لا أقول لا تثبتوا المعنى يجب أن يثبت لكن تخيل كيفية تلك الصفة لا يمكن أن تتخيلها وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل ‏.‏

لا يمكن أبدًا أن تتخيل كيفية صفات الله عز وجل لا بالتقدير ولا بالقول يجب عليك أن تتجنب هذا لأنك تحاول ما لا يمكن الوصول إليه بل تحاول ما يخشى أن يوقعك في أمر عظيم لا تستطيع الخلاص منه إلا بسلوك التمثيل والتعطيل وذلك لأن الرب جلت عظمته لا يمكن لأحد أن يتخيله على كيفية معينة لأنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ من الآية36‏]‏‏.‏

وإن تخيله على وصف مقارب بمثيل فقد مثل الله والله سبحانه وتعالى يقول‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ من الآية11‏]‏‏.‏

وبهذا نعلم أن من أنكر صفات الله أنكرها لأنه تخيل أولًا، ثم قالوا هذا التخيل يلزم منه التمثيل ثم حرفوا، ولهذا نقول إن كل معطل ومنكر للصفات فإنه ممثل سبق تمثيله تعطيله ‏.‏ مثل أولًا وعطل ثانيًا ولو أنه قدر الله حق قدره ولم يتعرض لتخيل صفاته سبحانه ما احتاج إلى هذا الإنكار وإلى هذا التعطيل ‏.‏

محمد بن صالح العثيمين طريقة أهل السنة و الجماعة في عبادة الله منهاج أهل السنة و الجماعة

طريقتهم أنهم يعبدون الله، لله، وبالله، وفي الله ‏.‏

أما كونهم يعبدون الله لله فمعنى ذلك الإخلاص يخلصون لله عز وجل لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم لا يتقربون إلى أحد سواه، إنما يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه، ما يعبدون الله لأن فلانًا يراهم، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس، ولا يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله ‏.‏

وأما كونهم يعبدون الله بالله ‏.‏

أي مستعينين به لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم، أو أن يروا أنهم مستقلون بعبادتهم عن الله، بل هم محققون لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ الآية‏:‏ 5‏]‏ ‏.‏ فـ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏ يعبدون الله لله، ‏{‏وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ ‏.‏ ‏[‏سورة الفاتحة‏:‏ الآية‏:‏ 5‏]‏‏.‏ يعبدون الله بالله ‏.‏ فيستعينونه على عبادته تبارك وتعالى ‏.‏

وأما كونهم يعبدون الله في الله أي في دين الله، في الدين الذي شرعه على ألسنة رسله، وهم وأهل السنة والجماعة في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصًا لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحقة السالمة من شوائب الشرك والبدع، لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به، ومن تعبد الله بغير شريعته فقد ابتدع في دينه والله سبحانه وتعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ‏}‏ ‏[‏البينة‏:‏ الآية‏:‏ 5‏]‏‏.‏

فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم لا أقول ما تستحسنه عقولهم لأن العقول الصحيحة لا تستحسنه الخروج عن شريعة الله لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول‏:‏ ‏{‏بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ من الآية63‏]‏‏.‏

لو كنا نتعبد لله بما تهواه نفوسنا وعلى حسب أهوائنا لكنا فرقًا وشيعًا كل يستحسن ما يريد فيتعبد لله به وحينئذ لا يتحقق فينا وصف الله سبحانه وتعالى في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ من الآية52‏]‏‏.‏

ولننظر إلى هؤلاء الذين يتعبدون لله بالبدع التي ما أذن الله بها ولا أنزل بها من سلطان، كيف كانوا فرقًا يكفر بعضهم بعضًا ويفسق بعضهم بعضًا، وهم يقولون‏:‏ إنهم مسلمون لقد كفر بعض الناس ببعض في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم وأعمى أبصارهم ‏.‏ نحن نقول‏:‏ إننا إذا سرنا على هذا الخط لا نعبد الله إلا في دين الله فإننا سوف نكون أمة واحدة، لو عبدنا الله تعالى بشرعه وهداه لا بهوانا لكنا أمة واحدة فشريعة الله هي الهدى وليست الهوى‏.‏

إذًا لو أن أحدًا من أهل البدع ابتدع طريقة عقيدة ‏(‏أي تعود للعقيدة‏)‏ أو عملية ‏(‏تعود إلى العمل‏)‏ من قول أو فعل، ثم قال إن هذه حسنة‏.‏ والنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ يقول‏:‏ ‏)‏من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ‏(‏‏.‏ قلنا له بكل بساطة هذا الحسن الذي ادعيته أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافيًا لدى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو كان معلومًا عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه‏؟‏‏!‏

والجواب‏:‏ إن قال بالأول فشر وإن قال بالثاني فأطم وأشر‏.‏

فإن قال‏:‏ إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها‏.‏

قلنا‏:‏ رميت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته‏.‏

وإن قال إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق‏.‏

قلنا له‏:‏ وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو الأمين الكريم وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا شر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أجود الناس، وهنا شر قد يكون احتمالًا ثالثًا بأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا، فنقول له وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏الآية 9‏]‏‏.‏ وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر‏.‏

وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏كل بدعة ضلالة‏"‏ وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقًا فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ من الآية32‏]‏‏.‏

ثم نقول‏:‏ إن الحديث لا يدل على كل بدعة بل قال‏:‏ ‏(‏من سن في الإسلام‏)‏ وما خرج عن شريعة الرسول ليس من الإسلام بل قد قال‏:‏ ‏(‏من سن في الإسلام سنة حسنة‏)‏ وبهذا نعرف أنه لابد أن تكون هذه السنة مما أثبته الإسلام وإلا ليست سنة في الإسلام ومن علم سبب الحديث الذي ذكرناه علم أن المراد بالسنة المبادرة بالعمل أو السبق إلى تنفيذ سنة كان أسبق الناس بها لأن سبب الحديث معلوم وهو أن جماعة جاءوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا فقراء فحث المسلمين على التصدق عليهم فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ ‏(‏من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها‏)‏‏.‏ وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها لكن من عمل بها أولًا لأنه بذلك أي بعمله أولًا يكون هو إمامًا للناس فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة‏.‏

ولا يرد على ذلك ما ابتدع من الوسائل الموصلة إلى الأمور المشروعة فإن هذه وإن تلجلج بها أهل البدع وقعدوا بها بدعهم فإنه لا نصيب له منها، إلا أن يكون الراقم على الماء له نصيب من الحروف بارزة في الماء‏.‏

أقول‏:‏ إن بعض الناس يستدلون على تحسين بدعهم التي ابتدعوها في دين الله والتي يلزم منها ما سبق ذكره بما أحدث من الوسائل لغايات محمودة‏.‏

احتجوا على ذلك بجمع القرآن، وبتوحيده في مصحف واحد وبالتأليف، وببناء دور العلم وغير ذلك مما هو وسائل لا غايات، فهناك فرق بين الشيء الذي يكون وسيلة إلى غاية محمودة مثبتة شرعًا لكنها لا تتحقق إلا بفعل هذه الوسيلة فهذه الوسيلة طبعًا تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ من الآية 60‏]‏‏.‏ وإعداد القوة على عهده عليه الصلاة والسلام غير إعداد القوة في زمننا هذا فإذا ما أحدثنا عملًا معينًا نتوصل به إلى إعداد القوة فإن هذه بدعة وسيلة وليست بدعة غاية يتقرب بها إلى الله ولكنها بدعة وسيلة، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد وبهذا نعرف أن ما تلجلج به مبتدع الحوادث في دين الله باستدلالهم بمثل هذه القضايا أنه ليس لهم فيها دليل أبدًا لأن كل ما حصل فهو وسائل لغايات محمودة‏.‏

فجمع القرآن من تصنيف وما أشبه ذلك كله وسائل لغايات هي مشروعة في نفسها فيجب على الإنسان أن يفرق بين الغاية والوسيلة فما قصد لذاته فقد تم تشريعه من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بما أوحاه الله إليه من الكتاب العظيم ومن السنة المطهرة ولدينا ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله‏.‏ وهي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ من الآية 3‏]‏‏.‏ فلو كان في المحادثات ما يكمل به الدين لكانت قد شرعت وبينت وبلغت وحفظت، ولكن ليس فيها شيء يكون فيه كمال الدين بل نقص في دين الله‏.‏

قد يقول بعض الناس‏:‏ إننا نجد في هذه الحوادث نجد عاطفة دينية ورقة قلبية واجتماعًا عليها فنقول‏:‏ إن الله تعالى أخبر عن الشيطان أنه قال‏:‏ ‏{‏ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ من الآية 17‏]‏‏.‏ يزينها الشيطان في قلب الإنسان ليصده عما خلق له من عبادة الله التي شرع فترضخ النفس بواسطة تسلط الشيطان على المرء حتى يصده عن دين الحق، وقد أخبر الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ بأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، بل في القرآن قبل ذلك‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ الآيتان 99- 100‏]‏‏.‏ فجعل الله للشيطان سلطانًا على من تولاه وأشرك به أي جعل لله شريكًا به بواسطة الشيطان وكل من جعل له متبوعًا في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل وجعل هذا المتبوع شريكًا لله تعالى في الحكم‏.‏

وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له فيه أبدًا ‏{‏ ِإنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ من الآية 40‏]‏‏.‏ وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الأحداث المحدثون أنه لا حجة لهم فيما أحدثوه، واعلم رحمك الله انه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ‏.‏

‏{‏وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ من الآية 60‏]‏‏.‏ لو أن ملكًا من الملوك فتح بابًا للدخول عليه وقال من أراد أن يصل إليَّ فليدخل من هذا الباب فما ظنكم بمن ذهب إلى أبواب أخرى هل يصل إليه‏.‏ كلا بالطبع‏.‏

والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقًا إليه خاصًا بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

والحقيقة أن تعظيم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن الأدب مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وأن لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع‏.‏

هل من محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيمه أن نحدث في دينه شيئًا يقول هو عنه‏:‏ ‏(‏كل بدعة ضلالة‏)‏‏.‏ ويقول‏:‏ ‏(‏من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏‏.‏ هل هذا من محبة الرسول‏؟‏‏!‏ أن تشرع في دين الله ما لم يشرع‏؟‏ ‏{‏قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية 31‏]‏‏.‏

محمد بن صالح العثيمين طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهاج أهل السنة و الجماعة

من المعلوم أنه لا يتم الإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والشهادة لا تتحقق إلا بثلاثة أمور‏:‏

1- 1- عقيدة في القلب‏.‏

2- نطق في اللسان‏.‏

3- عمل في الأركان‏.‏

ولهذا يقول المنافقون للرسول عليه الصلاة والسلام إذا جاؤه نشهد إنك لرسول الله‏.‏ ويقول الباري جل ذكره فيهم‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ من الآية 1‏]‏‏.‏ لماذا‏؟‏ لأن هذه الشهادة فقد منها أعظم ركن فيها وهو العقيدة فهم يقولون بألسنتهم ما لا يعتقدونه في قلوبهم، فمن قال أشهد أن محمدًا رسول الله ولكن قلبه خال من هذه الشهادة فإنه لم يحقق شهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏ ومن اعتقد ذلك ولم يقله بلسانه فإنه لم يحقق شهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏

ومن قال ذلك لكن لم يتبعه في شريعته فإنه لم يحقق شهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏ وكيف تخالفه وأنت تعتقد بأنه رسول رب العالمين وأن شريعة الله هو ما جاء به‏؟‏‏!‏‏.‏

كيف تقول‏:‏ إنك شهدت أن محمدًا رسول الله على وجه التحقيق‏.‏ لهذا نعتقد أن كل من عصى الله ورسوله فإنه لم يحقق شهادة أن محمدًا رسول الله‏.‏

لست أقول إنه ما يشهد ولكنه لم يحقق وقد نقص من تحقيقه إياه بقدر ما حصل منه من مخالفة‏.‏

إذًا طريقة أهل السنة والجماعة في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام الشهادة له بقلوبهم، وألسنتهم، وأعمالهم أنه رسول الله كذلك أيضًا يحبوه حب تقدير وتعظيم حبًا تابعًا لمحبة الله عز وجل‏.‏

وليسوا يحبونه من باب التعبد له بمحبته لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يتعبد لله به - أي بشرعه - ولكنه لا يعبد هو‏.‏

فهم يحبون الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه رسول رب العالمين‏.‏ ومحبتهم له من محبة الله تبارك وتعالى، ولولا أن الله أرسل محمدًا بن عبد الله القرشي الهاشمي لكان رجلًا من بني هاشم لا يستحق هذه المرتبة التي استحقها بالرسالة‏.‏

إذًا نحن نحبه ونعظمه لأننا نحب الله ونعظمه فمن أجل أنه رسول الله وأن الله تبارك وتعالى هدى به الأمة حينئذ نحبه فالرسول عليه الصلاة والسلام عند أهل السنة والجماعة محبوب، لأنه رسول رب العالمين، ولا شك انه أحق الناس، بل أحق الخلق وأجدرهم بتحمل هذه الرسالة العظيمة عليه الصلاة والسلام‏.‏

كذلك أيضًا يعظمون الرسول عليه الصلاة والسلام حق التعظيم ويرون أنه أعظم الناس قدرًا عند الله عز وجل‏.‏

لكن مع ذلك لا ينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله، يقولون‏:‏ إنه عبد الله، بل هو أعبد الناس لله عز وجل حتى إنه يقوم حتى تتورم قدماه فيقال كيف ذلك وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول‏:‏ ‏(‏أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا‏)‏‏.‏

من يحقق العبادة كتحقيق الرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال‏:‏ ‏(‏إني والله أخشاكم لله وأعلمكم بما اتقى‏)‏‏.‏ فهو بلا شك أعظم العابدين عبادة وأشدهم تحقيقًا لها ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولهذا حين تحدث عن البصل والكراث قال المسلمون حرمت فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله‏)‏‏.‏

انظروا إلى هذا الأدب مع الله عز وجل هكذا العبودية، ولهذا هم يقولون‏:‏ إن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ عبد من عباد الله، وهو أكمل الناس في عبوديته لله‏.‏

ويؤمنون أيضًا بأن الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا لغيره والله تعالى قد أمره أن يبلغ ذلك إلى الأمة فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ من الآية 50‏]‏‏.‏

وما هي وظيفته ‏{‏إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَي‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 50‏]‏‏.‏ ومن زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم شيئًا من الغيب غير ما أطلعه الله عليه فهو كافر بالله ورسوله، لأنه مكذب لله ورسوله‏.‏

فإن الرسول أمر أن يقول وقال‏:‏ قال قولًا يتلى إلى يوم القيامة قوله‏:‏ ‏{‏قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ من الآية 50‏]‏‏.‏

وبمناسبة هذه الآية الكريمة أود أن أقول‏:‏ إن القرآن الكريم أحيانًا تصدر الأخبار فيه بكلمة ‏{‏قُلْ‏}‏ وكل شيء صدر بهذه الكلمة معناه أن الله سبحانه وتعالى اعتنى به عناية خاصة لأن الرسول، عليه الصلاة والسلام، قد أمر أن يقول كل القرآن‏.‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ من الآية 67‏]‏‏.‏ لكن هذا الذي خص بكلمة ‏{‏قُلْ‏}‏ فيه عناية خاصة استحق أن يصدر بالأمر بالتبليغ على وجه الخصوص، مثل هذه الآية ومثلها في الأحكام ‏{‏قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ من الآية 30‏]‏‏.‏ ‏{‏وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ من الآية 31‏]‏‏.‏ والأمثلة كثيرة في القرآن‏.‏ إذن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله ولا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا بل ولا لغيره أيضًا ‏{‏قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا‏}‏ ‏[‏الجـن‏:‏ الآية 21‏]‏‏.‏ ‏{‏قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ‏}‏ ‏[‏الجـن‏:‏ من الآية 22‏]‏‏.‏ لو أراد الله بي شيئًا ما أجارني أحد منه ولن أجد من دونه ملتحدًا‏.‏

ويعتقدون أن الرسول عليه الصلاة والسلام، بشر ليس له من شئون الربوبية شيء ولا يعلم الغيب إلا ما أطلعه عليه حتى إنه عليه الصلاة والسلام يسأل أحيانًا عن شيء من الأحكام الشرعية فيتوقف حتى يأتيه الوحي، حتى إنه أحيانًا يصدر القول فيقول فيأتيه الاستثناء أو الاستدراك من عند الله عز وجل فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن الشهادة هل تكفر كل شيء‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏نعم‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏أين السائل‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ ‏(‏إلا الدين أخبرني بذلك جبريل آنفًا‏)‏‏.‏ أحيانًا يجتهد عليه الصلاة والسلام ولكن يأتيه الوحي من الله عز وجل بأن الخير في كذا وكذا خلاف ما اجتهد فيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ إذن الرسول عليه الصلاة والسلام عبد عابد لله عز وجل وليس له من شئون الربوبية شيء هذا هو قول أهل السنة والجماعة في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

يعتقد أهل السنة والجماعة أيضًا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشر تجوز عليه كل الخصائص البشرية والجسدية فينام، ويأكل، ويشرب، ويمرض، ويتألم، ويحزن، ويرضى، ويغضب عليه الصلاة والسلام، ويموت كما يموت الناس‏.‏ ‏{‏إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ الآيتان 30 - 31‏]‏ ‏.‏ ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئا‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية 144‏]‏‏.‏ ولا ريب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد مات ميتة جسدية فارقت روحه جسده فيها، وقام أهله وأصحابه بما يقومون به في غيره من شئون الموتى، سوى أنه عليه الصلاة والسلام لم يجرد عند تغسيله والمعروف أنه لم يصل عليه جماعة إنما كان الناس يصلون عليه أفرادًا لأنه الإمام عليه الصلاة والسلام‏.‏

ومن زعم أنه حي في قبره حياة جسدية لا حياة برزخية وأنه يصلي ويصوم ويحج وأنه يعلم ما تقوله الأمة وتفعله فإنه قد قال قولًا بلا علم‏.‏

فالرسول عليه الصلاة والسلام انقطع عمله بموته كما قال هو نفسه‏:‏ ‏(‏إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له‏)‏‏.‏

فعمله الذي يعمله بنفسه انقطع بموته ولكن لاشك أن كل علم علمناه من شريعة الله فإنه بواسطته عليه الصلاة والسلام وحينئذ فيكون منتفعًا من كل هذه العلوم التي علمناها بعد موته ـ صلى الله عليه و سلم ـ وكذلك الأعمال الصالحة التي نعملها كانت بدلالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيكون له مثل أجر العاملين‏.‏

محمد بن صالح العثيمين طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم منهاج أهل السنة و الجماعة

أهل السنة والجماعة يعرفون للصحابة قدرهم، وأنهم خير القرون بشهادة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ فإنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال‏:‏ فيما ثبت عنه من حديث عمران بن حصين‏:‏ ‏(‏خير الناس قرني، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم‏)‏ فالصحابة خير هذه الأمة بلا شك ولكنهم على مراتب بعضهم أفضل من بعض‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ من الآية10‏]‏‏.‏ وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْتَوِي الْقـَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية 95‏]‏‏.‏

ولكن هذه المراتب وهذه الفضائل يجب أن نعرف أن الواحد فيهم له مرتبة على الإطلاق وله مرتبة خاصة‏.‏ أي أنه قد يكون أفضل من غيره على سبيل العموم والإطلاق ويكون في غيره خصلة هو أفضل منه فيها وأهل السنة والجماعة يقولون‏:‏ إن أفضل الصحابة الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي يرتبونهم في الفضل حسب ترتيبهم في الخلافة، ولكن لا يلزم من كون أبي بكر أفضل الصحابة ألا يتميز أحد من الصحابة عن أبي بكر بمنقبة خاصة‏.‏

وقد يكون لعلي بن أبي طالب منقبة ليست لأبي بكر، وقد يكون لعمر منقبة ليس لأبي بكر، كذلك قد يكون لعثمان، ولكن الكلام على الفضل المطلق والمرتبة الكلية العامة فإن مراتب الصحابة تختلف اختلافًا اتفق عليه أهل السنة والجماعة وهو دلالة القرآن، ودلالة السنة أيضًا‏.‏

فإن خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف تنازعا في أمر فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لخالد‏:‏ ‏(‏لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه‏)‏‏.‏

كذلك أيضًا أهل السنة والجماعة يقولون‏:‏ إن بعض الصحابة له مزية ليست لغيرهم فيجب أن ننزلهم في منازلهم، فإذا كان الصحابي من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام كعلي بن أبي طالب، وحمزة، والعباس، وابن عباس وغيرهم فإننا نحبه أكثر من غيره من حيث قربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، لا على سبيل الإطلاق‏.‏ فنعرف له حقه بقرابته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكنه لا يلزم من ذلك أن نفضله على غيره تفضيلًا مطلقًا ممن له قدم راسخ في الإسلام أكثر من هذا القريب من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن المراتب والفضائل هي صفات يتميز الإنسان بصفة منها لا يتميز بها الآخر‏.‏

وأهل السنة والجماعة في آل البيت لا يغلون غلو الروافض، ولا ينصبون العداوة لهم نصب النواصب، ولكنهم وسط بين طرفين، يعرفون لهم حقهم بقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنهم لا يتجاوزون بهم منزلتهم‏.‏


محمد بن صالح العثيمين طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الأولياء و الأئمة منهاج أهل السنة و الجماعة

أئمة هذه الشريعة الإسلامية ولله الحمد أئمة مشهورون أثنت عليهم الأمة وعرفت لهم قدرهم، ولكنها لا تعتقد فيهم العصمة، فليس عند أهل السنة والجماعة أحد معصوم من الخطأ ولا من الإقرار على الخطأ إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه معصوم من الإقرار على الخطأ‏.‏ أما غيره مهما بلغت إمامته فإنه ليس معصومًا أبدًا، كل يخطئ وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ الذي أمرنا الله تعالى بطاعته على الإطلاق‏.‏

فهم يقولون لاشك أن في هذه الأمة أئمة، ولاشك أن فيها أولياء ولكننا لا نريد بذلك أن نثبت العصمة لأحد من هؤلاء الأئمة، ولا أن نثبت لأحد من الأولياء أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون، وهم أيضًا لا يجعلون الولي من قال عن نفسه أنه ولي أو أتى بالدعايات الباطلة لأجل أن يجلب الناس إليه يقولون إن الولي بينه الله تعالى بقوله‏:‏‏{‏أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ الآيتان 62، 63‏]‏‏.‏ هؤلاء الأولياء‏:‏ الذين آمنوا، وكانوا يتقون‏.‏ فالإيمان‏:‏ العقيدة‏.‏ والتقوى‏:‏ العمل قولًا كان أو فعلًا، وأخذ شيخ الإسلام من هذه الآية عبارة طيبة وهي قوله‏:‏ ‏(‏من كان مؤمنًا تقيًا كان لله وليًا‏)‏‏.‏ هذا الولي حقيقة، لا الولي الذي يجلب الناس إليه، ويجمع الحاشية ويقول أنا أفعل ويستعين بالشياطين على معرفة الخفي، ثم يبهر الناس بما يقول فيقولون هذا ولي‏.‏ لا لأن الولاية تكون باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وبإيمانه وتقواه‏.‏ فإن كان مؤمنًا تقيًا فهو ولي‏.‏

ولكن هؤلاء الأولياء أيضًا لا يلزم في كل ولي أن يجعل اللهله كرامة فما أكثر الأولياء الذين لا كرامة لهم، لأن الكرامة في الغالب لا تأتي إلا لنصر حق أو دفع باطل لا لتثبيت شخص بعينه فلا يلزم إذًا أن يكون لكل ولي كرامة‏.‏ قد يحيى الولي ويموت وليس له كرامة وقد يكون له كرامات متعددة وهذه الكرامات كما قال أهل العلم كل كرامة لولي فإنها آية للنبي الذي اتبعه، ولا أقول ‏"‏معجزة‏"‏ لأن الأولى أن تسمى آية، لأن هذا التعبير القرآني والآية أبلغ من المعجزة لأن الآية معناها العلامة على صدق ما جاء به هذا الرسول، والمعجزة قد تكون على يد مشعوذ أو على يد إنسان قوي يفعل ما يعجز عنه غيره، لكن التعبير بـ ‏"‏الآية‏"‏ أبلغ وأدق وهي التعبير القرآني فنسمي المعجزات بالآيات هذا هو الصواب‏.‏

يوجد أناس حسب ما نسمع في هذه الأمة يدعون أنهم أولياء ولكن من تأمل حالهم وجد أنهم بعيدون عن الولاية، وأنه لا حظ لهم فيها لكن لهم شياطين يعينونهم على ما يريدون فيخدعون بذلك البسطاء من الناس‏.‏

محمد بن صالح العثيمين طريقة أهل السنة و الجماعة في الإصلاح في المجتمع منهاج أهل السنة و الجماعة

يرى أهل السنة والجماعة أن المجتمع الإسلامي لا يكمل صلاحه إلا إذا تمشى مع ما شرعه الله سبحانه وتعالى له، ولهذا يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف‏:‏ كل ما عرفه الشرع وأقره، والمنكر‏:‏ كل ما أنكره الشرع وحرمه فهم يرون أن المجتمع الإسلامي لا يصلح إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏ لأننا لو فقدنا هذا المقوم لحصل التفرق، كما يشير إليه قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ الآيتان 104، 105‏]‏‏.‏

وهذا المقوم وللأسف في هذا الوقت ضاع أو كاد لأنك لا تجد شخصًا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى في المحيط القليل المحصور إلا ما ندر‏.‏

وإذا ترك الناس هكذا كل إنسان يعمل ما يريد تفرق الناس ولكن إذا تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر صاروا أمة واحدة ولكن لا يلزم إذا رأيت أمرًا معروفًا أن يكون معروفًا عند غيرك، إلا في شيء لا مجال للاجتهاد فيه إنما ما للاجتهاد فيه مجال فقد أرى أن هذا من المعروف ويرى الآخر أنه ليس منه وحينئذ يكون المرجع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ ‏{‏فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية 59‏]‏‏.‏ ولكن طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم الذي فضلت فيه هذه الأمة على غيرها أنهم يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مقومات المجتمع الإسلامي ولكنه يحتاج إلى أمور‏:‏

أولًا‏:‏ أن يكون الإنسان عالمًا بالحكم بحيث يعرف أن هذا معروف وأن هذا منكر، أما أن يأتي عن جهل ثم يأمر بشيء يراه معروفًا في ظنه وليس بمعروف فهذا قد يكون ضره أكبر من نفعه، لذلك لو فرضنا شخصًا تربى في مجتمع يرون أن هذه البدعة معروف ثم يأتي إلى مجتمع جديد غيره يجدهم لا يفعلونها فيقوم وينكر عليهم عدم الفعل ويأمرهم بها فهذا خطأ، فلا تأمر بشيء إلا حيث تعرف أنه معروف في شريعة الله، ليس بعقيدتك أنت وما نشأت عنه فلابد من معرفة الحكم وأن هذا معروف حتى تأمر به وكذلك المنكر‏.‏

ثانيًا‏:‏ لابد أن تعلم أن هذا المعروف لم يفعل، وأن هذا المنكر قد فعل، وكم من إنسان أمر شخصًا بمعروف فإذا هو فاعله فيكون في هذا الأمر عبئًا على غيره وربما يضع ذلك من قدره بين الناس‏.‏

وإذا رأينا هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجدنا أن هذه طريقته دخل رجل يوم الجمعة والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب وجلس فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏أصليت‏؟‏‏)‏ قال لا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فقم فصل ركعتين‏)‏‏.‏ صلاة الركعتين لداخل المسجد من المعروف ولا شك ولكن الرسول، عليه الصلاة والسلام ما أمره به مباشرة حتى علم أنه لم يفعله فأنت قد تأمر هذا الرجل أن يفعل شيء، وإذا هو قد فعله فتتسبب إلى التعجل وعدم التريث وتحط من قدرك ولكن اسأل وتحقق إذا لم يفعل حينئذ تأمر به‏.‏

وكذلك أيضًا بالنسبة للمعاصي فبعض الناس قد ينهى شخصًا عما يراه منكرًا وليس بمنكر‏.‏

مثال ذلك‏:‏

رأيت رجلًا يصلي الفريضة وهو جالس فنهيته بأن ليس له حق أن يصلي وهو جالس‏.‏ فهذا غير صحيح لكن اسأل أولًا لماذا جلس، قد يكون له عذر في جلوسه وأنت لا تعلم حينئذ تكون متسرعًا ويكون ذلك ناقصًا من قدرك، هذا أمر أيضًا لابد منه‏:‏

أن تعرف الحكم الشرعي، وأن تعرف الحال التي عليها المأمور والمنهي حتى تكون على بصيرة من أمرك‏.‏

ثالثًا‏:‏ أن لا يترتب على فعل المعروف ما هو منكر أعظم مفسدة من منفعة المعروف، فإن ترتب على فعل المعروف منكر هو أشد ضررًا من المنفعة الحاصلة بهذا المعروف إن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح، وهذه الكلمة المعروفة هي القاعدة التي دل عليها القرآن ليست أيضًا على إطلاقها أي أنه ليست كل مفسدة درؤها أولى من جلب مصلحة، بل إذا تكافئت مع المصلحة فدرء المفسدة أولى، وإذا كانت أعظم من المصلحة فدرء المفسدة أولى، والله سبحانه وتعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ من الآية 108‏]‏‏.‏ فسبت آلهة المشركين كل يعلم أنه مصلحة وأن فيه خيرًا لكن إذا تضمنت هذه المصلحة ما هو أنكر - وأنكر من باب التفاضل الذي ليس في الطرف الآخر منه شيء - إذا تضمن مفسدة عظيمة فإنها تترك، لأننا إذا سببنا آلهتهم ونحن نسبها بحق سبوا الله عدوًا بغير علم‏.‏

فهذه نقطة ينبغي أن نتفطن لها عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما إذا كانت المفسدة تنغمر في جانب المصلحة، فإننا نفضل المصلحة ولا يهمنا وهذا عليه شيء كثير من أحكام الله الشرعية والكونية‏.‏

فمثلًا هذا المطر الذي ينزل وفيه مصلحة عامة لكن فيه ضررًا على إنسان بنى سقفه الآن وجاء المطر فأفسده لكن هذه المفسدة القليلة منغمرة في جانب المصلحة العامة‏.‏ وهكذا أيضًا الأحكام الشرعية كالأحكام الكونية وهذا أمر ينبغي التنبه له، وهو أننا قد لا يكون من المصلحة أن ننهى عن هذا المنكر لأنه يتضمن مفسدة أكبر ولكننا نتريث حتى تتم الأمور‏.‏

ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بالتدرج في التشريع حتى يقبلها الناس شيئًا فشيئًا، وهكذا المنكر لابد أن نأخذ الناس فيه بالمعالجة حتى يتم الأمر هذه هي الأمور الثلاثة‏:‏

1- 1- العلم بالحكم ‏.‏

2- العلم بالحال ‏.‏

3- أن لا يترتب على فعل المعروف منكر أعظم مفسدة ‏.‏


محمد بن صالح العثيمين قول أهل السنة و الجماعة في الإيمان منهاج أهل السنة و الجماعة

الإيمان حقيقته عند أهل السنة والجماعة هو‏:‏ ‏(‏اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح‏)‏‏.‏ ويستدلون لقولهم هذا بقول النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ‏(‏إن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان‏)‏‏.‏ فالقول قول اللسان ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏، وعمل الجوارح وإماطة الأذى عن الطري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor-elarab.yoo7.com
 
منهاج أهل السنة و الجماعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عقيدة أهل السنة والجماعة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور العرب :: القسم الاسلامي :: العقيدة-
انتقل الى: